عاجل

الخميس، 21 يوليو 2011

المصريون أصبحوا فئران تجارب للمنتجات الطبية الصينية!!


لم يكن "عم أحمد جابر" الذي يرقد الآن في قسم جراحة الأعصاب بمستشفى الشاطبي الجامعي يعلم إنه سيكون ضحية الفساد والمتاجرة بكل شئ حتي في صحة الإنسان ،  لم يكن يدرك "عم أحمد" قبل  ثلاثة شهور لإجراء جراحة بسيطة في العمود الفقري أنه سوف يظل طوال عمره طريح الفراش ، أو في أحسن الأحوال أسيرًا لكرسي متحرك.
فهذا الرجل الذي يبلغ الخامسة والستين من عمره كان قد أصيب بانزلاق غضروفي بسيط طال فقرتين من الفقرات القطنية، واستلزم الأمر إجراء جراحة لتركيب شريحة طبية صغيرة في العمود الفقري ، أجراها له واحد من أكبر أساتذة جراحة العظام في جامعة الإسكندرية ، وكان كل شئ يجري كما ينبغي ولا توجد ثمة مشاكل لعدة أيام بعد الجراحة ، إلا أن الشريحة المعدنية الصغيرة التي تم تركيبها – والتي تبين فيما بعد أنها مغشوشة - انكسرت فجأة داخل عموده الفقري ما أصابه بشلل تام.

قررنا التقصي عن حالة "العم أحمد" ليس تعاطفًا معه بل ندق ناقوس الخطر عن بداية فساد لكنه ليس كفساد النظام السابق يظهر أثره عبر الزمن، لكنه فساد قاتل يتسرب داخل جسم الإنسان؛ ليقضي عليه بدلاً من أن يعالجه. 


وقبل أن نتقصي .. قال لنا "عم أحمد" عبارة لن ننساها " تخيل أنك عطشان جدًا وبتموت من العطش ويجي حد يسقيك ميه .. وفجأة تكتشف بعد ما تشربها إنها سم تعمل أيه" ؟!


رغم خضوع "أحمد جابر" لعدة جراحات أجراها له فريق متخصص من جراحي العظام والأعصاب من أكبر أساتذة الجامعة ؛ إلا أن الشريحة اللعينة أبت الخروج من بين فقرات عموده الفقري، وكتبت عليه أن يظل بقية عمره ضحية جريمة غش تجاري طال كل شئ ولم يترك حتى المستلزمات الطبية.


إننا نواجه جريمة بشعة في حق الإنسانية هكذا قال الدكتور "حسان الشافعي" ـ أستاذ جراحة العظام بكلية الطب بجامعة الإسكندرية ـ وصف هذه الحالة بالمأساة رافضًا أن تصل فوضى الاستيراد إلى العبث بصحة الإنسان المصري عن طريق استيراد شرائح ومسامير معدنية مخصصة للتركيب داخل جسم الإنسان ، غير مطابقة للمواصفات، بل إنها قد تعرض مستخدميها للشلل أو الموت.


وقال د. "الشافعي" إننا كأطباء  لم نصدق أن هذا من الممكن أن يحدث، ولكن اكتشفنا أن هذا يحدث في مصر الآن، وأن كثيرًا من المرضى كانوا ضحايا لمستلزمات طبية فاسدة وغير مطابقة للمواصفات ، وأن كثيرًا من أطباء العظام الشرفاء قد ارتفع صوتهم بالشكوى من هذه الجريمة، ولكن لا حياة لمن تنادي.


وأضاف: السبب وراء كل هذا هو ما يقوم به أصحاب بعض هذه الشركات بأخذ عينات من المنتجات عالمية الصنع ، ويقومون بعمل نسخ مطابقة لها في مصانع المستلزمات الطبية في ( الصين أو الهند أو باكستان ) من مواد وخامات رديئة وغير مطابقة للمواصفات وبأرخص الآثمان، ثم يتم إدخالها لمصر على أنها مستلزمات إنتاج لمصانعهم الوهمية ؛ حتى لا تخضع للتفتيش والرقابة من وزارة الصحة ، وكل ما يقومون بإضافته إلى هذه المنتجات الكاملة هو تعقيمها وتغليفها وكتابة عبارة  "صنع في مصر" عليها عن طريق شركات كل ما تمتلكه هو ماكينة طباعة "ليزر" لكتابة هذه الجملة.


وأرجعت الدكتورة "فاطمة شكري" ـ مدير عام التفتيش بقطاع الصيدلة ـ السبب في هذه المشكلة لقصور بقانون المناقصات والمزايدات ، والذي لم يضع ضوابط لكل هذه الممارسات التي تستخدم ثغرات القانون من أجل إرساء معظم مناقصات وزارة الصحة الخاصة بالمستشفيات العامة والتأمين الصحي على هذه الشركات ، وربما بسعر أعلى من المنتج الأجنبي الأصلي ب 15 %.


وقال رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية الأسبق الدكتور "ياسر زكي" للأسف قد تكون عملية العلاج أكثر ضررًا على المريض عندما تتسبب ضعف الإمكانيات المادية لتلك المستشفيات في التنازل عن مستويات الجودة التي يجب أن تكون عليها المستلزمات الطبية .


والحقيقة أننا ندرك أن أوجه الفساد قد طالت كل شئ ، لكن الكارثة أن فوضي تداول المنتجات المغشوشة وصل إلي الشرائح والمسامير ونظم تثبيت العمود الفقري والأقفاص العنقية ، وهذا كله يدفعنا للشعور بالقلق وعدم الثقة والإحباط ، والذي صوره أهل "عم أحمد جابر" في  تساؤل خطير حيث قالوا : كيف نشعر بالأمان ونحن لا نئمن على أروحانا حتي ونحن بين أيدي الأطباء ؟ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق